الباحث في التاريخ الاقتصادي والاجتماعي لمنطقة المسيلة يجد نفسه مضطرا
للتعرض لوضع المنطقة الطبيعي والجغرافي،وما يتعلق بها من نواحي اجتماعية وأنشطة
بشرية.
فماضي المنطقة ورغم الأهمية التي اكتسبتها والتطورات التي عاشتها بقى مهملا
وغامضا في اغلب فتراته،وكل ما يعرف عنها لا يتعدى أحداث متفرقة غير مترابطة لا
تغني الباحث في أشياء كثيرة ،ولا تعطينا صورة حقيقة واضحة ، لذلك يصبح الهدف
من كل دراسة لهذه المنطقة في مثل هذه الظروف موجها إلى محاولة إعادة ربط تاريخ
منطقة المسيلة بباقي البلاد و إظهار أهميتها الخاصة في إطار التاريخ الوطني العام
للجزائر.
ومنطلق الدراسة لا يكون إلا من خلال التعرف على الوضع الطبوغرافي والسمات
الجغرافية الخاصة بإقليم الحضنة ككل،لان الحضنة والمسيلة يشكلان وحدة جغرافية
وبشرية وتاريخية ولا يمكن التعرض لإحداهن دون ذكر الأخرى،فمنطقة المسيلة و إقليم
الحضنة بوضعهما الطبوغرافي جعلهما يتوسطان إقليمين جغرافين متمايزين وهما التل في
الشمال والصحراء في الجنوب.
وقد أطلق العرب اسم الحضنة على السهل الواسع الذي يمتد نحو السبخة المالحة
للمسيلة والتي تمتد من الشمال إلى الجنوب بين سلسلتين جبليتين تكونتا مع جبال البيريني
في أوربا 1 هما الأطلس التلي والصحراوي،وموقع الحضنة الذي تبدو فيه محاطة بحزام
جبلي في شكل قوس من الاوراس وجبال بلزمة من الشرق إلى جبال ونوغة غربا عبر
جبال بوطالب و المعاضيد ،تشكل حدودا جغرافية بين المناطق المتوسطية التلية،والسهول
السهبية والصحراوية للحضنة والزيبان،وإن كان هذا الحزام الجبلي لم يشكل في يوم من
الأيام حاجزا بشريا أو إداريا أو حتى سياسيا بين أجزاء الجزائر التلية والصحراوية
والسكان الجبليون كثيرا ما توسعوا في السهول المحاذية لهم كما كانت بالمقابل جبالهم
ملجأ للثورات والثوار عبر فترات التاريخ ،كما استمرت منطقة الحضنة بكاملها محطة
جذب للبدو والرعاة المتنقلين بين التل والسهوب صيفا وشتاء ،كما إن امتداد المياه من
منابعها من جبال التل نحو الحضنة جعل الصلة والترابط بين سكان الجبال والسهول
مستمرا،لذلك استمرت الحضنة منطقة عبور بين الشمال والجنوب والشرق والغرب
. جامعة ما عرف بإقليم الجزائر الشرقية 1
وتظهر الحضنة كمنخفض طبيعي ذو سمات وخصوصيات مميزة،بحيث تحاط من
الشرق والشمال بحزام جبلي يرتفع إلى 1400 م ويعلو أحيانا إلى 1800 م يربط بين
الأطلس التلي والصحراوي بجبال ببيان الحديد 2،من جهة الغرب إلى جبال الاوراس من
الشرق مرورا بجبال الحضنة وبلزمه والمعاضيد بوطالب المحاذية للسهول القسنطينية
1100 م التي تتصل بالحضنة بفتحات ضيقة،ومن الجنوب جبال - التي تعلو بين 800
بوسعادة وجبال أولاد نايل التي ترتفع إلى حدود 1600 م،كما تنفتح في الجنوب سلسلة
الزاب الصغيرة لتترك ممرات واسعة نحو الصحراء لتربط الحضنة بواحات
الزيبان 3.وبين هذه السلاسل الجبلية يقع منخفض شط الحضنة بمناطقه السهبية.
إن المظهر المورفولوجي لإقليم الحضنة يعطي،الانطباع بوجود خصائص
جغرافية نادرا ما يشاركه فيها إقليم آخر بشمال إفريقيا لا من حيث مظاهر السطح
والمناخ أو النشاط الاجتماعي، فحوض الحضنة بموقعه المنخفض لا يجد متنفسا له سوى
من الجهة الغربية حيث السهول العليا التي تسمح بمرور المؤثرات الغربية الرطبة
وبوجود سبل الاتصال البشري التي اتخذت من الوديان مسالك كما هو شأن وادي
بريكة،ووادي القصب ووادي اللحم التي تكون معابر رئيسية بين الحضنة والتل 4
كما ساهم تقطع مرتفعات الزيبان في ظهور معابر سهلة بين إقليمي الحضنة
والزيبان حيث جعلت الإقليمين مرتبطين على مر العصور،و تركت ممرات أولاد نايل مع
1
.
جبال الزاب طرقا أساسية بين شمال الصحراء وحوض الحضنة وربطت الصلة
بينهما 1.وهذا ما جعل الحضنة منذ عهد الرومان منطقة حدودية محاذية لخط الليمس
الروماني، فقد كانت منطقة زراعية ورعوية لنوميديا وموريطانيا الشرقية 2.إن منطقة
الحضنة بتعدد حدودها واتصالاتها الطبيعية لا تمثل وحدة سطحية كاملة بقدر ما تمثل
تنوع بيئي مع خصوصيتها التي تأتي من بنيتها الجيولوجية الخاصة بها ومن مناخها الذي
جعل منها منخفضا طبيعيا يخضع لعوامل التعرية من جهة وعوامل الردم من جهة
ثانية،وتأثير المناخ الجاف على النباتات ،هو الذي جعل من الإنسان الحضني محل تنقل
دائم نحو المياه والكلأ في ظروف طبيعية سهلة ودون حواجز طبيعية 3. ويقسم الجغرافيون
. إقليم الحضنة إلى أربعة أقسام طبيعية مختلفة 4
-1 الجبال 2-السهول - 3 الشط 4- الرمل .
1)-الجبال: تمثلها جبال الحضنة التي تمثل الحدود الشمالية لمنطقة الحضنة وهي
تمتد على شكل سلسلة من الشمال الغربي نحو الجنوب الشرقي ممثلة في جبال ونوغة
غربا وجبال المعاضيد وبوطالب ويلزمه إلى جبال الاوراس شرقا والتي تعلو عن
1863 م 5.وتعتبر هذه السلاسل الجبلية مصدر أودية الحضنة وشطها كما تعتبر جبال
بوسعادة وسالات وجبال أولاد نايل الحدود الجنوبية للحضنة.
2)-السهول:
وهي الأطراف المترامية من جنوب السلال الشمالية إلى شمال شط الحضنة
والتي تزيد مساحتها عن 8500 كم 2 تأخذ في الشمال محور سهول سيدي عيسى
،سهول البحيرة ،سهول الحضنة إلى نقاوس شرقا التي تعتبر مدخل الحضنة الشرقية وهي
منفتحة في الشرق على السهول القسنطينة المرتفعة ،ومن الغرب على السهول الوسطى
التلية للجزائر وهي محاطة بمدن الحضنة الرئيسية: مدوكال في الجنوب الشرقي ،نقاوس
للتعرض لوضع المنطقة الطبيعي والجغرافي،وما يتعلق بها من نواحي اجتماعية وأنشطة
بشرية.
فماضي المنطقة ورغم الأهمية التي اكتسبتها والتطورات التي عاشتها بقى مهملا
وغامضا في اغلب فتراته،وكل ما يعرف عنها لا يتعدى أحداث متفرقة غير مترابطة لا
تغني الباحث في أشياء كثيرة ،ولا تعطينا صورة حقيقة واضحة ، لذلك يصبح الهدف
من كل دراسة لهذه المنطقة في مثل هذه الظروف موجها إلى محاولة إعادة ربط تاريخ
منطقة المسيلة بباقي البلاد و إظهار أهميتها الخاصة في إطار التاريخ الوطني العام
للجزائر.
ومنطلق الدراسة لا يكون إلا من خلال التعرف على الوضع الطبوغرافي والسمات
الجغرافية الخاصة بإقليم الحضنة ككل،لان الحضنة والمسيلة يشكلان وحدة جغرافية
وبشرية وتاريخية ولا يمكن التعرض لإحداهن دون ذكر الأخرى،فمنطقة المسيلة و إقليم
الحضنة بوضعهما الطبوغرافي جعلهما يتوسطان إقليمين جغرافين متمايزين وهما التل في
الشمال والصحراء في الجنوب.
وقد أطلق العرب اسم الحضنة على السهل الواسع الذي يمتد نحو السبخة المالحة
للمسيلة والتي تمتد من الشمال إلى الجنوب بين سلسلتين جبليتين تكونتا مع جبال البيريني
في أوربا 1 هما الأطلس التلي والصحراوي،وموقع الحضنة الذي تبدو فيه محاطة بحزام
جبلي في شكل قوس من الاوراس وجبال بلزمة من الشرق إلى جبال ونوغة غربا عبر
جبال بوطالب و المعاضيد ،تشكل حدودا جغرافية بين المناطق المتوسطية التلية،والسهول
السهبية والصحراوية للحضنة والزيبان،وإن كان هذا الحزام الجبلي لم يشكل في يوم من
الأيام حاجزا بشريا أو إداريا أو حتى سياسيا بين أجزاء الجزائر التلية والصحراوية
والسكان الجبليون كثيرا ما توسعوا في السهول المحاذية لهم كما كانت بالمقابل جبالهم
ملجأ للثورات والثوار عبر فترات التاريخ ،كما استمرت منطقة الحضنة بكاملها محطة
جذب للبدو والرعاة المتنقلين بين التل والسهوب صيفا وشتاء ،كما إن امتداد المياه من
منابعها من جبال التل نحو الحضنة جعل الصلة والترابط بين سكان الجبال والسهول
مستمرا،لذلك استمرت الحضنة منطقة عبور بين الشمال والجنوب والشرق والغرب
. جامعة ما عرف بإقليم الجزائر الشرقية 1
وتظهر الحضنة كمنخفض طبيعي ذو سمات وخصوصيات مميزة،بحيث تحاط من
الشرق والشمال بحزام جبلي يرتفع إلى 1400 م ويعلو أحيانا إلى 1800 م يربط بين
الأطلس التلي والصحراوي بجبال ببيان الحديد 2،من جهة الغرب إلى جبال الاوراس من
الشرق مرورا بجبال الحضنة وبلزمه والمعاضيد بوطالب المحاذية للسهول القسنطينية
1100 م التي تتصل بالحضنة بفتحات ضيقة،ومن الجنوب جبال - التي تعلو بين 800
بوسعادة وجبال أولاد نايل التي ترتفع إلى حدود 1600 م،كما تنفتح في الجنوب سلسلة
الزاب الصغيرة لتترك ممرات واسعة نحو الصحراء لتربط الحضنة بواحات
الزيبان 3.وبين هذه السلاسل الجبلية يقع منخفض شط الحضنة بمناطقه السهبية.
إن المظهر المورفولوجي لإقليم الحضنة يعطي،الانطباع بوجود خصائص
جغرافية نادرا ما يشاركه فيها إقليم آخر بشمال إفريقيا لا من حيث مظاهر السطح
والمناخ أو النشاط الاجتماعي، فحوض الحضنة بموقعه المنخفض لا يجد متنفسا له سوى
من الجهة الغربية حيث السهول العليا التي تسمح بمرور المؤثرات الغربية الرطبة
وبوجود سبل الاتصال البشري التي اتخذت من الوديان مسالك كما هو شأن وادي
بريكة،ووادي القصب ووادي اللحم التي تكون معابر رئيسية بين الحضنة والتل 4
كما ساهم تقطع مرتفعات الزيبان في ظهور معابر سهلة بين إقليمي الحضنة
والزيبان حيث جعلت الإقليمين مرتبطين على مر العصور،و تركت ممرات أولاد نايل مع
1
.
جبال الزاب طرقا أساسية بين شمال الصحراء وحوض الحضنة وربطت الصلة
بينهما 1.وهذا ما جعل الحضنة منذ عهد الرومان منطقة حدودية محاذية لخط الليمس
الروماني، فقد كانت منطقة زراعية ورعوية لنوميديا وموريطانيا الشرقية 2.إن منطقة
الحضنة بتعدد حدودها واتصالاتها الطبيعية لا تمثل وحدة سطحية كاملة بقدر ما تمثل
تنوع بيئي مع خصوصيتها التي تأتي من بنيتها الجيولوجية الخاصة بها ومن مناخها الذي
جعل منها منخفضا طبيعيا يخضع لعوامل التعرية من جهة وعوامل الردم من جهة
ثانية،وتأثير المناخ الجاف على النباتات ،هو الذي جعل من الإنسان الحضني محل تنقل
دائم نحو المياه والكلأ في ظروف طبيعية سهلة ودون حواجز طبيعية 3. ويقسم الجغرافيون
. إقليم الحضنة إلى أربعة أقسام طبيعية مختلفة 4
-1 الجبال 2-السهول - 3 الشط 4- الرمل .
1)-الجبال: تمثلها جبال الحضنة التي تمثل الحدود الشمالية لمنطقة الحضنة وهي
تمتد على شكل سلسلة من الشمال الغربي نحو الجنوب الشرقي ممثلة في جبال ونوغة
غربا وجبال المعاضيد وبوطالب ويلزمه إلى جبال الاوراس شرقا والتي تعلو عن
1863 م 5.وتعتبر هذه السلاسل الجبلية مصدر أودية الحضنة وشطها كما تعتبر جبال
بوسعادة وسالات وجبال أولاد نايل الحدود الجنوبية للحضنة.
2)-السهول:
وهي الأطراف المترامية من جنوب السلال الشمالية إلى شمال شط الحضنة
والتي تزيد مساحتها عن 8500 كم 2 تأخذ في الشمال محور سهول سيدي عيسى
،سهول البحيرة ،سهول الحضنة إلى نقاوس شرقا التي تعتبر مدخل الحضنة الشرقية وهي
منفتحة في الشرق على السهول القسنطينة المرتفعة ،ومن الغرب على السهول الوسطى
التلية للجزائر وهي محاطة بمدن الحضنة الرئيسية: مدوكال في الجنوب الشرقي ،نقاوس